إن الحصار الذي تفرضه واشنطن على هواوي والذي يحظر استخدام نظام التشغيل أندرويد مـن غوغل وتطبيقاته يدل على الاعتماد الشديد لمصنعي الهواتف الذكيـة على غوغل، وعلى أن العثور على بدائل يبدو معقداً.
ثمـة رقم واحد يلخص هذا الوضع وهو أن 85.9 فـي المئة هي حصـة أندرويد فـي سوق الهواتف الذكيـة على مستوى العالم، وفقاً لشركـة الأبحاث الأمريكيـة آي دي سي، وأبل هي صاحبـة المرتبـة الثانيـة بنسبـة 14.1 فـي المئة التي يملكها نظام آي أو أس الخاص بآيفون. وليس هناك رقم الثالث ، إذ لا يوجد اليوم نظام تشغيل محمول آخر لديه حصـة تذكر.
وهذا هو الحال منذ عام 2018، وفقاً لمؤسسـة أي دي سي، وسيظل هذا الوضع على حاله، على الأقل حتى عام 2023، حسبما تقول شركـة الأبحاث التي لا تتجاوز توقعاتها هذا التاريخ. فشركـة أبل تحتفظ بنظام أي أو أس الخاص بها لأجهزة آيفون، وهذا يدل على ارتباط واعتماد سامسونغ وسوني واتش تي سي ونوكيا وتشاينا اوبو ووان بلوس وكسياومي وفيفو وبالطبع هواوي على أندرويد.
تم إطلاق نظام أندرويد عام 2008، واحتل العالم مـن خلال نموذج أعمال يمكن تلخيـصه على النحو التالي: توفر غوغل منصتها المجانيـة لمصنعي الهواتف الذكيـة، وفي المقابل تكسب الشركات متعددة الجنسيات فـي الولايات المتحدة أموالاً مـن خلال الإعلانات التي يتم إنشاؤها عبر تطبيقاتها الخاصـة بنظام أندرويد، مثل جيميل أو يوتيوب، ناهيك عـن الرسوم المفروضـة على مبيعات التطبيقات مـن خلال بلاي ستور.
حاول بعض صانعي الهواتف الذكيـة إنشاء نظام تشغيل خاص بهم لتقليل اعتمادهم على غوغل. وقامت الكوريـة سامسونغ بتطوير نظام تيزن الذي لم يتم تحديثه منذ عامين. وتوقف الكندي بلاكبيري عـن استخدام نظامه الخاص للاستفادة مـن أندرويد. وتخلت مايكروسوفت عـن تطوير ويندوز فون فـي عام 2017. أما بالنسبـة للشركـة الكوريـة إل جي التي حصلت على نظام واب اوس فـي عام 2013، فلم يعرض على هواتفها الذكيـة. اليوم، تمتلك هواوي نحو 30 فـي المئة مـن سوق الهواتف الذكيـة فـي الصين و18 فـي المئة مـن سوق الهواتف الذكيـة فـي العالم وتبيع نالصف هواتفها فـي سوقها الخاص.
ووفقاً للتقارير، قامت هواوي بتطوير نظامها المسمى هونغمن، منذ عام 2012، ولكن لم يتم إطلاقه فـي الصين ولا يوجد ما يشير إلى أنه سيكون جاهزاً لإطلاقه دولياً فـي الأشهر المقبلـة. حتى لو تمكنت هواوي مـن إطلاق هونغمن بسرعـة، فسيتعين عليها إقناع المستهلكين بتبني نظام قد يكون قوياً، لكنه غير معروف. والأهم مـن ذلك أنه نظام بدون خدمات غوغل.
والعقبـة الأخيرة أمام هواوي هي إقناع مئات الملايين مـن مطوري التطبيقات باعتماد نظامها لمتاجرها فـي المستقبل. والتحدي الذي يعد بأن يكون ضخماً، هو أنه يتعين على هؤلاء المطورين بالفعل تشغيل برامج مختلفـة لنظامي التشغيل أي أو أس وأندرويد. فالأمل الوحيد بالنسبـة لشركـة هواوي، إلا فـي حال خفّت التوترات بين بكين وواشنطن، هو التحالف مع اوبو وشاومي ووان بلس، وفي حال تعرضت هذه الشركات أيضاً لحظر أمريكي، سيبقى بإمكانها مساعدة هواوي فـي محاولـة الترويج لنظام التشغيل الافتراضي فـي المستقبل.